نظرات فى ديوان شمس المعازف للشاعر الفنان / محمد العوضى طارق الصاوى خلف

 

نظرات فى ديوان شمس المعازف

للشاعر الفنان / محمد العوضى

                                          طارق الصاوى خلف

تصدير

أتجه رواد قصيدة العامية للغوص في الوجدان الشعبى والنبش في طبقات التراث التي اختزنتها الذاكرة الثقافية الجمعية المصرية والعربية والبحث عن شعرية جديدة في العامية منفتحة على فضاء التجديد الشعرى الحداثي.       الناقد :محمد على عزت البوابة نيوز

حدث غير مقصود  وصلتنى على الواتس نسخة من ديوان الشاعر الغنائي المتميز محمد العوضى صحفت عيناى العنوان، جحدت النقطة فبدلا من أن أقرأ العنوان الصحيح "شمس المعازف" خلته " شمس المعارف "  لمؤلفه أحمد ابن على المتوفى سنة 622 هـ و يعده القراء   أخطر الكتب التى تناقش الأحوال الروحانية والسحر والطلاسم و شرعت فى البحث عنه  على الانترنت حتى إذا وصلت لصفحة  ويكبيديا الخاصة بتعريفه أتانى  إشعار من الفيس أن الجن الصغير أرسل لى بطلب صداقة .

 عتبة الديوان  

العنوان كما يقولون هو الدال على المحتوى ومفتاح السر المكنون بين الشطر و البيت والقصيدة أيا ما كان نوعها  و "شمس المعازف" هو عنوان مجازى مكون من مضاف و مضاف إليه والمضاف هو شمس ( نكرة )والمضاف إليه المعازف معرفة بالألف واللام، و الشمس ملهمة للشعراء  كالمتنبى تنوعت صورها لديه فى الكثير من قصائده

فمن كان فوق محل الشمس موضعه   فليس يرفعه شيء ولا يضع .

 كما أن الشمس فى الثقافة المصرية القديمة أيقونة اللوحات الفنية المرسومة على جدران المعابد والمقابر الفرعونية.

فالشمس رمز معنوى إضافة  لما تهبه لنا  من ضياء و دفء و عندما تتعامد على الرؤوس ينصهر الفكر على صدى معازف الروح .

و "المعازف" لفظ عربي خالص مفرده (المعزف) مثل آلات الطرب الوترية  كالعود والكمان والطنبور وهو ألة وترية فى اليمن تختلف عن العود فى طول العنق.  وفى رؤية أخرى  " المعازف "  يُراد به الآلات التي يُضرب بها فى  الملاهي  وتختلف المعازف  عن الموسيقى (كلمة يونانية معربة) فالمعازف تُصدر أنغاما منسجمة أو بمعنى عصرى الآلات الموسيقية التى تعزف اللحن ،  لمطرب يقوم بالغناء رافعا صوته مع الترنم بالكلمات والغناء بدون  وجود معازف أو موسيقا يسمى إنشاد.

و المعازف فى الفقه كلمة محيره اختلفت عليها الفقهاء وهو ما أشار إليه الشاعر فى مقدمته التى أعاد فيها تأكيد المؤكد لكن فى أغاني الأصفهاني  ربط بميثاق غليظ  بين المعازف و القيان (الجوارى المدربات على العزف والغناء).

ومما يذكر عن أثر المعازف على النفس أن الغزال الشاعر الأندلسى وفد فى سفارة على ملك الدنمارك فأرادوا استمالته بالمعازف للشراب و اسمعوه  لحنا يُذيب الحديد لكنه تماسك وقاوم إحساسه  بالطرب  بحك أظافره بسمانة ساقه حتى  سال دمه على البساط .

 و مما وعيته عن الأستاذ  أحمد أمين فى كتابة "فيض الخاطر" أن الألفاظ تنقل المعانى و تعجز عن نقل العواطف وجيشان المشاعر لهذا أتى الشعر والموسيقى/ المعازف  ليكملا النقص ويعبرا عن  النفس.

أن العنوان الذى اختاره الشاعر لديوانه الكبير فى الحجم والمحتوى و المثير لشهية معاودة القراءة المرة تلو الاخرى  هو ببساطة  " شمس المعازف "

جمع فيه بين  تنكير الشمس  و تعريف المعازف ربما لأن الشمس علم بذاتها ورمز بإبهارها كما أنه أضاف لها المعازف ليؤكد  مقصده  أن شعره شمس و معانيه معازف لها  أوتار/أفكار تعزف على مشاعر  المتلقى

ملاحظات أولية

اولا : عنون الشاعر صفحات الديوان الزوجية ب "شمس" والفردية ب " المعازف" و فى الصفحة العاشرة بداية المربعات كلمة واحدة " شمشس" بقية الصفحة بياض ناصع لا نص ولا كلمة لعله استمر فى تنكير الشمس لصالح ما أتى به فى الصفحة التالية ليجعل البروز للمعازف كأنه يريد فى الكتاب  أن يغير العنوان ليكون المعازف شمس مبتدأ و خبر . يتسق الشاعر مع افتراضى فى صفحة 86 حيث ينتقل لتقديم قصائد مكتوبة بنسق قصيدة الواو معنونه " شمس" وخالية من أى كلمة وفى الصفحة التالية "المعازف" كررها للمرة  الثالثة فى بداية  القسم الثانى  ص92

ثانيا : المربعات فى صورتها التقليدية تتكون من بيتين يتحد كل شطر فى القافية إلا الشطر الثالث له قافيه مختلفة وتطور إلى بيتين وقافلة بقافية مخلتفة مثل رباعيات الخيام التى ترجمها محمد السباعى والد الأديب يوسف السباعى أما شاعرنا فقد نوع مربعاته فزاد فيها لأربع أبيات لكل بيتين قافية و رأينا عشرة سطور  وثمانية ورأيى أن شاعرنا لدية تجربة شعرية قادرة على الحفاظ على شكل  القصيدة أيا كان عدد أبياتها أو سطورها  فاستخدم المربع والسداسى  و الاشكال المبتكرة جميعها أثرت العمل و أظنها ستنعش القارئ وتزيده  وعيا بالفكرة.

ثالثا : استخدام الأحرف اللاتينية مع العربية

                              بتقوللي نِفسي ف . Kiss me ف بعتّ ليها Like

أ هو الصدق الفنى مع التجربة؟! أم هى الفرانكو أرب؟! أم  توظيف لغة الفيس في الإبداع ؟! أظن أن الأولى والثالثة قد تمنحنا مبررا للشاعر في اللجوء لهذه التقنية الشائعة بين جيله لكن هذا التلاقح بين اللغتين أتى فى  عدد محدود من رباعياته ولا أراه ظاهرة في الديوان .

شاعرنا الكبير  فى ديوانه السادس المطبوع على نفقته والذى تصل صفحاته (154) صفحة ولولا ضغط الصفحات لتخطى عددها  مائتى صفحة قسم الديوان شطرين الأول الرباعيات والثانى لقصائده  و لأنه شاعر غنائى متحقق وله باع طويل فى  القصائد الغنائية  لهذا فسوف نكتفى بنظرة عميقة على جزء واف من الديوان وهو الرباعيات التى وصلت ل 285 مقطوعة  نكتفى بالكتابة عنها فى مطالعة  للديوان مع احساس ببعض الغبن  للشاعر الفنان محمد العوضى لأن من حقه علينا أن ندرس هذا السفر وان ننقل متعتنا "بشمس المعازف" إلى القارئ .

ظلال شمس المعارف على المعازف .

يعود جذر لفظ القصيدة للفعل (ق ص د ) وهو يعنى  إرادة الشئ و السعى إليه وهنا اختار الشاعر  لقصيدته فى الجزء الأول من الديوان شكلا تراثيا مستمدا من الدوبيت وفن الواو مستفيدا مما قدمه الأباء من الحلى وابن عروس حتى صلاح جاهين  رغم تجربته المتفردة فى بعض جوانبها .

 نظرا للجناس الناقص بين الكتابين و وجود مفردات كثيرة بشكل ظاهر فى العشر صفحات الأولى تشى بتأثير شمس المعارف  تتصدر الفكرة المقطع الأول  للديوان تشى صراحة بتحقق ما  جال فى خاطرى 

شمسَك معازِف كُّلها أسرار           بتدفّى روح القلب والإحِساس

ضيَّك في أهل المغنيَ والأشعار     نوَّر طريق المُغرَمين ب الكاس

سِحرك يحِلّ العُقدة بالموَّال       شِعرك حَلال حلَّ ف جميع الأحوال

نِجمك بيعلىَ وكل يوم يتقال          زيِّ القمر مالِك قلوب النَّاس

يفك الشاعر شفرته  و يخاطب  المعازف في رأس الصفحة كصوفى  يبلغها أن شمسها الساطعة  أسرار تدفئ قلبه وسحرها يحل بالموال الحلال العقد كما أن نجمها يعلو.

من جماليات النص التشبيه الممتد من " معازف شمسك الى المشبه به  "زى القمر "

الألفاظ وعاء للمعنى و ايحاء للعقل وما بين سحر البيان و سحر الفعل الواقع على الانسان شعرة .

كانِز ياكُرسي الطَّلسمة أسرار كيان المُعجزة

الرّوح هِناك مِطلسَّمة والرّوح هِنا متشعوزة

شَعرة وأطر. قلبي إنفطَر إحذر خطر. هذا وذا

المفردات ( الطلسمة – أسرار - متشعوزة – هذا وذا) وظفها الشاعر  للتماس مع  فكرة طبعها على الواقع فجلت الغشاوة ، تطرد  المخبوء  بالتعبير الشعبى " دستور يا أسيادنا"

أسيادنا يا دستور دستور يا أسيادنا

كاشفين لنا المستور ظالمينّا وأولادنا

بمزاوجة  الواقع بالخيال بالمورث الشعبى و جماليات الأدب من  كناية و تورية تتداخل الأفكار مع براعة  التصوير الفنى  أستطاع الأديب و الشاعر الأريب طرح القضايا الحياتية بدون مباشرة أو خطابية وهذه تحسب لشاعرنا الفنان محمد العوضى .

معمول لي عمل ب قلق في النّوم وسهر وتعب وعذاب وآلام

           طب أعمل إيه بيضيع اليوم لا فيه صلاة ولا صوم ع الحال دا أيّام   ص12

يواصل شاعرنا الخوض في مواجع الروح بفعل سببه الآخر بين السحر و أثر العين التى تغيير الحال وتدخل الجمل القدر  والنائم لوحل الكوابيس  

مسحور ف ليل   ملبوس معيون ألم ساكن

            محسور ف حلم كابوس معجون سواد داكن ص 13

رأى الحداثيون أن كل لفظ يصلح للشعر وهو ما فعله الشاعر في المقطوعة التالية مس  بمشاعره الإنسانية في  لقطة أظنه تفرد بها عن معاناة مرضى ثنائى القطب ( الهوس /الاكتئاب) يعبر عن حالهم /جراحهم

ثُنائي القُطب بحيا وأموت         عيون النّاس محوطاني

         ومُعتلّ ف كلام وسكوت         وعين العقل في جناني ص 14

عاد شاعرنا للواقع بعد إطلالته على عالم المس والسحر سطر في رباعياته أوضاع  المهمشين  ناشرا ما  تنطوى عليه صدورهم دون أن تصدر كلمات عن ألسنتهم المحاصرة بالطلاسم .

أنا نفَسي منيش عارف نفَسي برغم ا لأنفاس      حسّاس من غير إحساس وكمان محسوب عا لناس

      وسواس خنّاس فصّلني مقاس علي قدّه لباس       طلسم بشروط نجم ومحطوط لامع ف الزّيطة ص 15

الشاعر من محافظة ريفية شرب ثقافتها صغيرا و أنتجها إبداعا جميلا فيه من حكايات الجدات قطوف  

عملتلي عمل علي رجِل جمل. كل لمّا يقوم ويخطّي أدوخ

يرقد وينام يقلبني جمل. ميّت معدوم مضروب بصاروخ

الغنائية في الرباعيات

تمتاز قصائد الشاعر محمد العوضى بالموسيقى حيث ينقل الفنان موهبته في الغناء ومعرفته بالألحان في انتقاء مفردته، توظيفها  لتصدر جرسا  ونغما  عند إلقاء القصيدة وكما ذكر أحد النقاد أن الحرف فى القصيده يصير صوتا عند كتابته والأصوات تصبح معازف أو غناء مع شاعرنا  

م كفايا زاد هميّ          نشِّفتي ليه دمى

ولداني يا أ ميّ ميـ    ـت ف صورة حي

يلتقط الشاعر الصور، يرتبها  بمهارة، يجعلها مغايرة لما يتوقعه  القارئ لنرى  القمر  يترك برج السماء ليمس خدها و نورها يستجلب منها الضياء 

لمَس القمر خدَّها لمَّا لجمالها إشتاق

زاد نوره من حُسنها نورها ملاه ب ضياء ص 50

ومع مطلع  لأغنية نسرج شموع الخيال مع الرباعية  

ما بعرفش أسكُت قُصاد الجمال

أغمّض عنيّا تقول الشّفايف

أفتّح عنيّا تقول إرتجال

بأجمل كلام جوّا نِنّ إللي شايف74

 

 قليلا ما استمع لأغانى الشباب التى يسمونها " الراب" لأنها سريعة كلمات متوالية، ينطقها المغنى فى نفس واحد   لو ابتغينا  أن نقلدهم  فى المقطع التالى  سنكتشف  أن الشاعر لم يكتف فى مربعاته بالتجديد فى شكلها بل فى طبيعتها وكتب على نسجها مقطعا  لأغنية للراب 

إوعاك تتخيّل إنّك مُمكن تتوقّعني

أنا مش متخيّل إنّ أبان علي أي خريطة

تبقي أهبل راح تتكعبِل لو يوم هتوقّعني

         تشرب من بحر الويل تخبط راسك في الحيطة ص 15

وللانتقال لمحور آخر ننظر لأسلوب الشاعر في التعامل مع مربعاته فالبت الأول والثانى خاتمة الشطر الأول فيهما واحدة وكذلك قافية الشطر الثانى  أما البيت  الثالث والرابع اتفقت قفل كل شطر بحرف الياء كما أننا نسيطع أن نقول أن المقطوعة تشبة الموال في الكثير من سماته

رسمِك بضيّ العُمر شفّافة     وبشوق مُنايا بتضوي في عنيّا

شايفك بقلبي وفيّا متشافة       أجمل ما شوفت ف دنيتي ديّا

عمّالة تحلوّي كدا ف عيني         و عليكي قُلت الله وياعينى

            سِحرك خطفني لفين مودّيني    جاوبينى بس عاملتي إيه فيّا ص 19

 رؤية الشاعر للمعازف / الشعر

  ربط الشاعر  بين الشعر والمعازف و اعتبر الشعر هو المعازف حسب فهمى  للمقدمة  و عنوان الديوان .

 انتبهت   بمطالعتى لدواوين الشعراء  حرصهم  على بسط  رؤاهم للشعر من خلال قصائد مفردة أو يبثونها  لتذوب ثنايا سطورهم لتنطلق الذات الشاعرة  في بوحها معلنة عن آمالها وأفراحها أحزانها و أتراحها .

كُتر الملام جوّاك عمل دواوين.         من غير ما تقصد منّه رُباعيّة

       جاي من الآلم بكّت حَباب العين.           خلِّت كتابتي من الوجع غيّة  ص27

من أين ياتى الالهام؟ يجيب  الشاعر أنه بدون قصد  وأن   الألم جعل الكتابة غية كما يقال نكتب  لنتطهر و الفنان  لا يقرض  الشعر بل  الشعر هو من   أخذه في طريقه و دون أن يعرقله النقد الهدام بل  يزيده توهجا

ما كتبتش شِعر عشان واحد ييجي ينرفزني

الشِّعر كتبني عشان شَفني كُتلة من النّار

نزّلني ف بحره عشان عايز م الويل ينقذني

وياخدني علي البيت الموزون من أهل الدّار

بلا قافية بعافية وثابت مالك أدواتي

          والنّقد الهدّام يبنيني ويحيي حياتي   ص 16

يرفض  الشاعر مايعتقد أنه نظرة  المجتمع للأديب أنه إنسان  غير طبيعى وأن لفظة فنان تطلق بمدلول مختلف عن معناها عن بعض العامة .

فصّلت توب القُول فيه ناس كتر لبسوه

قالوا دا مش معقول حَبّوا الألم حسّوه

وعشان أنا إنسان إحساسه جاب له جنان

قالوا عليه فنّان من قبل ما يقابلوه ص21

وفى مقابل  النظرة التى يحسها الشاعر فهو يدرك  ذاته ، يقدرها ويُعلى شأنها  بفنه، و حب الجميع له .

شاعر فنّان      . شامل ولهان

شاعر موهوب.     م النّاس محبوب

         غصبن عن كل         حقير وجبان ص 75

 " أنتم القوم أيها الشعراء " مقولة قديمة لاتزال تتردد زادوا عليها  "كفى بالشعر فخرا أن يدعيه من لا يحسنه " والشاعر يفخر أن  له الشرف بما سطره و لو تمنطق  الأخرين  بمخالفته 

ليّا الشّرف إنّي أكون شاعر.        في كل وادي أهيم في أي مجال

ويزيدني شرف إنّي أكون شاعر. لو صنّفوه قالوا عليه زجّال ص73

الشاعر  قلب مفتوح و دوحة للمودة يختلط فيها لحمه ودمه بإحساسه الوطنى.

أنا شاعر ب حُب النّاس

. وعشقي أساس لأوطاني

           ولحم ودمّ جوّاه حِس  ص 62

و يواصل الشاعر رؤيته الضبابية في مستقبل الشعر  رغم أنه يكتب في الهوى والناس و  ينثره ورودا و رياحين تتضعضع رائحتها على مر السنين حتى يلتحم الغث بالثمين ويباع بابخس ثمن .

إكتب ما تكتب ف الهوى والنّاس

حرفك مآنس وحدته بأخوه

بُكرة ما بين كل الكتب ينداس

وبأبخس الأثمان كمان يبيعوه ص 84

الرباعيات والتوجيه  الاجتماعى 

الأديب العضوى  في مرحلة الأدب للمجتمع هو المهتم بقضايا وهموم  للناس يتفاعل معهم، جل قصائده عنهم يسرج الانوار على نواصى أملهم   كدأب الشعر العامى   لجمهوره   بالنصح والإرشاد ، رفض الظواهر السلبية  والنقد  اتباعا لإعلام الفن من  ابن عروس لبيرم التونسى لأحمد فؤاد نجم ومن انتهج   دربهم .

نظَّم حياتَك زيّ المُحاسِب

وإحسبها صح عشان تِحاسب

 تِهلك في نَفسك تتحاسب ص 25

 يدعو الشاعر المتلقى   لعزة النفس، يحذرهم  من  نتيجة الرضوخ للظروف

لمّا تقدِّم رجِل تخطّي وتلاقي إن مافيش تقدير

إيّاك تضعف ولا توطى كدا هتخليّ الجرح كبير ص 30

حين يأتى النقد للشعر من شاعر فانصت واعلم أن الخطب خطير ، طمر صدر الفنان  بالغضب من أهل الكار فالسيل قد بلغ  الزبى واتسع الخرق على الراقع

المهرجانات جنايات وجُنح ضدّ البشريّة

       طبل وشخاليل وصاجات أسلحة بيضة وذرّيّة  ص 41

يعاتب الذين يضيعون أعمارهم في ارضاء أهوائهم دون فائدة تعود أو مجد تليد يُبنى في أنتظار لحظة النهاية.

أهوائَك عمّال ترضيها وحياتَك تشبه بعضيها

       وأوقاتك آديك تقضّيها مستنّى الموت إلي باقيلك ص 72

 وأيضا يعتب على الذين يُغرقهم اليأس في برك الخمول في رسالة قصيرة مؤثره و أيضا مقنعة يحثهم على النهوض والعمل والاستبشار بالأمل

لا نهاية العالم هتقرَّب

ولا حيّ قيامتَك هتقوم

عافر وإتعب حاول جرّب

ليه تيأس وتبات مصدوم ص69

دعا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وفدا بدا على وجوههم صفرة التعب أن يتباعدوا عند اختيار الزوجة أى يتزوجوا أغرابا وقد وجه الشاعر نقدا لزواج الاقارب محذرا من غراب شؤم ينعق  في محيط  الأسرة 

زوّج بناتك ناس من الأغراب. كل لمّا تستقرب هتدفع ضرايب

             من فوق شجر عيلتك هتلقي غُراب. الحظّ فيه إسود زواج القرايب ص79

 بنفس الرغبة الصادقة للإصلاح   يدعو للتمسك  بالقيم الأصيلة و الحفاظ على القوارير من رياح عاتية  تستهدفهم  ملمحا  أن بعض الداء فينا .

البنت جنب الولد بنزين وجنبه نار

والدّاء دا فينا مرض لو شِبنا برده صغار ص52

حرص  مغنى الموال  على أن  يعطى المتلقى دروسا في الفضيلة ومضى  شاعرنا  على نفس الخط، نسج خيوط تواصله على نفس المنوال متوقعا أن  يجد الصدى

كل البيوت ليها حُرمة واللى يخاف ع بنايته

لو مال ف يوم علي حُرمة ترد لو ف بنايته 87

وأخير كما هو شأنه يعطف على المهمشين و يحنو عليهم و يتفهم حالتهم ومحذرا  المجتمع من السخرية منهم أو التنمر بهم لأن الأناء المكتوم إذا اشتعلت النار تحته ينفجر

الطّيبة مش هرتلة ولا ضعف وريالة

خاف م السّذاجة يله إن جات لها الحالة ص46

خاتمة

أطلق العرب على البيت المفرد اليتيم و على البيتين  النتفة و الأبيات من ثلاثة  إلى ستة القطعة أو المقطوعة أما السبعة أبيات فما فوق قصيدة .

و عرف المحدثون الرباعيات  ونسج الكثيرون على طريقة صلاح جاهين لكن شاعرنا محمد العوضى غرد  وحده  وهو  يقدم للمكتبة العربية  عددا كبيرا من الرباعيات فى الجزء الأول من ديوانه شمس المعازف.

فعل كل  ما خطر فى باله من موضوعات وأغراض شعريه فمدح الشاعرة الكبيرة نجلاء محرم وهجا  من شاء و تغزل و قدم الحكمة و النقد الخ .

وفى مجال الشكل قدم المربعات فى بعضها صدر البيت بقافية وعجزه بأخرى كما وحد القافية والوزن  فى بعضها جعل لكل بيتين بحرا فى أخريات الجزء الأول، كتب أربعة أبيات أو سطور و سته وثمانية وعشرة لقد جرب كل ما أراد من حيث الشكل وبكل الثقة لكنه لم يهجر التفعيلة أو يرجع عن الغنائية التى ميزت أعماله السابقة.  

 و انا بطبيعتى لست ضد أن يحاول المبدع التجديد داخل الإطار الفنى واستخدام التقنيات التى يعتقد أنها ستقدم إنتاجه فى أزهى حلة و أضع بين يدى الشاعر الفنان و تحت عينيه سؤالا خطر بذهنى .

لماذا لم يقم الشاعر كمبادرة منه بدلا من وضع الرباعيات مع السداسيات والمثمنات أن يجعل لكل واحد منها قسما منفصلا ليوجه الناقد و القارئ صوب ما يمكن أن ينسب له من تجديد .     

والحق اقول أننى استمتعت بالديوان الكبير الذى يدل على اتساع معجمه  اللغوى مما مكنه من اختيار مفردات كل هذه المقطوعات والقصائد و التنوع الكبير فى موضوعاته  مع حالة من التوازن العام و ثبات المستوى الراقى لكل ما نشر يستحق – منى - الإشادة على هذه الإجادة.

 لقد دخل شاعرنا الفنان مجالا بتشكيلة رباعياته و فتح جدالا مفيدا ماذا تسمى الأبيات خمسة و سبعة  لأن العرب اعتبروا ما فوقها قصيدة .

طارق الصاوى خلف

طور سيناء

٢٥/٩/٢٠٢١  

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة فى ديوان لا تنشد المحتاج للشيخ حمدان الترابين لطارق الصاوى خلف

مطب سيناوى للشاعر رأفت يوسف بقلم طارق الصاوى خلف

مطلع العام الثامن والخمسون مع وقفات فى حياتى طارق الصاوى خلف ‏