الغاز لغوية للمعرى طارق الصاوى خلف


 الغاز لغوية من  رسالة الصاهل و الشاحج  لأبى العلاءللمعرى    

                           طارق الصاوى خلف



المتداول بين العارفين بأبى العلاء المعرى أنه اعتزل الشأن العام فى وقت مبكر من حياته و تنحى عن حركة المجتمع وعاش رهين المحبسين فقد البصر وجدران الدار لكن رسالته التى وقعت تحت بصرى و ارهقتنى قراءتها رغم نهمى بالمطالعة وشعفى بكتب التراث وبحثى عن الطرائف  و حرصى على تدوين ملخص لها لعله يفيد من يرغب و يسعى لأن يحيط بها خبرا ويأخذ بها علما دون أن يعانى ما مررت به من النصب فى الفهم والبحث فى القواميس عن كلمات كثيرة غربية عن معجمى اللغوى..

رسالة " الصاهل والشاحج " تعد من أشهر رسائل أبي العلاء الأدبية في عصره أثبتها ابن خير الإشبيلي في مروياته، وذكرها ياقوت فيما سلم إلى وقته من الضياع من آثار أبي العلاء.

  ألف أبو العلاء رسالته هذه لعزيز الدولة أبي شجاع: عامل الفاطميين على حلب، بطلب من أبناء أخيه يلتمسون منه التوسط لديه في أن يضع عنهم ما فرضه من جباية ليس عليهم فقط بل كل أهل حلب وما جاورها بسبب هروب أو  جفلة أهل حلب  كما ذكر أبو العلاء من طاغية الروم باسيل عام  411 هـ، الموافق عام 1020 م  تبدأ القصة بعد المقدمة بحوار بين صاهل و هو الفرس وشاحج وهو البغل ثم ينتقل للموضوع الذى لم  يكن فيه هجوم للروم بل شائعات واراجيف دفعت سكان حلب لتركها خاوية والهروب منها للصحراء والقرى النائية وقد بحثت عن أحداث سنة 411 هـ في كتاب البداية والنهاية لابن كثير فلم أجد فيها سوى ذكر فقد الحاكم لدين الله الفاطمى واعلان وفاته، وربما أتى أمر استغلال باسيل ملك الروم للفراغ إضافة لمخاوف أهل حلب من تناطح رؤوس الدولة اطلق سيقانهم بالفرار و لما انجلى الغبار وعادوا أراد الوالى عقابهم ومنهم أبناء إخوة ابو العلاء الذين يقومون على شأنه و خدمته ولعل له من الريع ما جعله يخرج عن سنته في ترك شأن الدنيا خلف ظهره و التفرغ لتجليات عقله و نتاج فكره شرع في الكتابة في نفس العام لكنه انتهى منها وفرغ سنة  412هـ  .

الرسالة بين صاهل و شاحج  يستعرض فيها الشاحج مهاراته فى اللغة حتى بلغ الذرة مع الثعلب يصف له ماكان يمكن أن يحدث لو هجم فعلا ملك الروم 

يقول الشاحج  "ولو نزل خميسهم بحيث يظن المرجفون، وهو وافر كامل، لرأيت الطويل العاتر مديداً فيهم، والخفيف المقبوض بسيطاً إليهم. فكثر المتقارب عند ذلك بينهم، وسمعوا الهزج والرجز، فعجزوا عن الرمل والمضارع له في تلك الساعة، وكان السريع والمنسرح عندهم محمودين. وظل جيشهم مجتثاً وعميدهم مقتضباً؛ واستغنى بما أخذ منهم الخليل وحمل جهازهم على العروض، وكثر فيهم المقيد وقل المطلق.

وهذه الألفاظ ألغزتها عن أجناس الشعر التي رتبها " الخليل: فأردت بالطويل الرمح، وبالمديد الرمح إذا مد إليهم، وهو فعيل من: مددت، في معنى مفعول." 

يفسر ما أسلف " وعنيت بالخفيف السيف، لأن السيوف يقال لها: البيض الخفاف. وأوهمت أني أريد الخفيف من الشعر.

وأردت بالمقبوض، الذي قبضة الكف على قائمه . وأوهمت أني أريد المقبوض الأجزاء، وهو الذي ذهب خامسه الساكن في الأصيل. وليس في الخفيف من الأوزان قبض، فذلك تقوية للإلغاز.

ووصفت الجيش بالوفارة والكمال، لأن في الشعر وزنين يقال لهما: الوافر والكامل. وعنيت بالبسيط، المبسوط للضرب، لأن في الشعر وزناً يقال له البسيط وذكرت الهزج وأنا أعني به هزج السيوف في الضرب، لأن في اشعر هزجاً.

وعنيت بالرجز، ارتجاز القوم في الحرب، لا أني خصصت به الرجز الذي ذكره " الخليل " دون الرجز على مذهب العرب.

وأردت بالرمل، الرمل من السير وأردت بالمضارع له، ما قاربه من السير، ومن ذلك قيل للفعل مضارع، لأنه ضارع الأسماء، أي قاربها. وعنيت بالسريع، الرجل الذي يسع في الهرب. وبالمنسرح، الذي ينسرح في السير ويمتد، من ذلك: سرحت الغنم إذا أرسلتها. وأردت بالمجتث، الذي قد اجتث أصله، أي قطع. وبالمقتضب، الذي  اقتطع. والاقتضاب الاقتطاع.

والمتقارب، أردت به الخطو المتقارب من الفزع، أو الرجل الذي تقارب خلقه، أي انضم وتضاءل من الخوف.

فهذه أجناس العروض الخليلية، قد مضت في هذا الفصل على معنى اللغز والتورية.

وأردت بالخليل، الفقير. ألغزته عن " الخليل بن أحمد "  وأردت بالعروض، الناقة التي لم تكمل رياضتها. ألغزتها عن عروض الخليل  وأردت بالمقيد، رجلاً قيد.وبالمطلق، من يطلق من الأسر.

                                                                                      طارق الصاوى خلف


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة فى ديوان لا تنشد المحتاج للشيخ حمدان الترابين لطارق الصاوى خلف

مطب سيناوى للشاعر رأفت يوسف بقلم طارق الصاوى خلف

مطلع العام الثامن والخمسون مع وقفات فى حياتى طارق الصاوى خلف ‏