دراسة نقديه لرواية (الكنز) للكاتب / سالم محمود سالم
دراسة نقديه لرواية (الكنز)
للكاتب / سالم محمود سالم
بقلم/طارق الصاوي خلف
هى رواية "للمؤلف سالم محمود سالم" مدهشة فى صياغتها وتقسيم فصولها ومقاطعها وفى ترتيب أحداثها وفى تسمية شخصياتها، السرد فيها هو الحوار الذى امتطاه الكاتب ليصل إلى غرضه.
ويمتاز الحوار بجملة القصيرة الكاشفة للأحداث و يتستخدم تراكيبها اللغوية فى رفع وتيرة التصعيد الدرامى و التشيبك بين اللغة و الصورة الجمالية التى تترسب فى عقل القارئ و تجعله عنصرا مشاركا.
مكان الرواية
قرية مصرية مثلها كمئات القرى فى الوجه البحرى على وجه الخصوص. يعبر بجوارها نهر النيل الخالد. أزّقتها ضيّقة وملتوية كشق الثعبان. مركزها الجامع الكبير الذى تبدأ منه الأحداث و تنطلق منه الشخصيات ويمثل تيمة الضمير ورواده تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.
أشخاص وأحداث:
البطل الذى لا ينازع أستاذ التاريخ الذى ينتظر عودة التتار الذين يراهم فى الهواء عبر الأثير، والذى يُظَّن به الجنون فيُطرد من التربية والتعليم ويشتغل فى المركز فى الفاعل أو المعمار ليتحصل على قوت يومه ولا يعرف سرّ الكنز المدفون فى داره. حتى يأتى مصباح أفندى فيضئ قبس من نور ويقذف فى جوف البلد الساكن بالنار لتشتعل الحرائق، والثلاثة الأشرار الذين ينقلون الكنز من مكانه حتى فى مظاهر من الفوضى والعبث فبدلا من تقاسمه. يتخلص زعيمهم منهم ثم يكتشف أن طعامه مسموم فيلحق بهم. لا يوجد قرية بلا عمدة ولا شيخ خفراء والعمدة هو السلطة القابضة على الأمور بيدٍ من حديد.
العمدة لا يهمه أن تشتعل القرية، يهمه صورته فقط أمام المأمور هى صفات السلطة الكونية.
أن "أم العيون" القرية التى تقع بها احداث الرواية عندما شعرعمدتها بالخطر من دخول وحش كاسر يحرق لم يقاومه مع شيخ الجامع تركه وحيدا يسعى للمّ الشمل رغم حبه وعطفه على محرز .
يُصاب ابن مصباح بالتعب بعد فشله في اكتشاف الكنزوينزوى حاملا وزر إيقاظ جشع النفوس الذى اصاب ايضا عرنيشة المجذوب الذى يغاير محرز فى صورة نراها فى ليل قرانا للذين يعيشون فى مرتبة بين العقل والجنون.
وزينب الحاضرة التى تُعوض الزوجة الغائبة بجسدها و العائشة مع أبنائها الذين هجروا أباهم لتصيب محرز قصة الحب التقليدية بين الخريف والربيع والوسيط هو المال "الجاه والسلطان" .
الصراع والحبكة:
كنز مدفون يسعى الجميع للحصول عليه بحيَّل مختلفة ومتنوعة، وعندما يقتربون منه يتصارعون عليه فتحدث الفوضى. قتلى وجرحى ومقبوض عليهم. منازل محترقة وأرزاق منقطعة لتأتى المعونة من الخارج لأهل البلد الذين لم يحافظوا على النعمة. فيقومون بهدم دورهم بأيديهم دارا تلو الأخرى بعد أن خربوا دار محرز الذى انتقم منهم بأن أخبرهم بأن الجنى ينقل الكنز من دار إلى أخرى . حتى تخيلوا الجنى شخصا أمامهم ينقل الكنز وهم وراءه يهدمون حتى أتوا على قريتهم و وقفوا على أطلالها ولم يتبق أمامهم غير الجامع ودوار العمدة .
بعد السكرة أتت الفكرة ومن عمق الجرح بدأ العلاج. تعود العقول التى فقدوها ويطفئون النار التى اشعلوها . ويعيدون البناء ليخرج محرز بالكنز من القرية ليغير من صورته ثم يعود متوازنا مع نفسه كأنه ولد من رحم الثروة التى عادت إليه ليشترى القصر القديم ويدور المجذوب فى الشوارع ليعلن عن ظهور زعيم التتار. فتشتعل نار الحقد التى يشعلها ابن مصباح. يثور فرجانى العمدة وهو يرى السلطة تُسحب من تحت قدميه ليرمى كرة اللهب فى حقول القمح ويسعى إمام المسجد لإطفائها مع المخلصين، ولأن تأسيس السلطة يتطلب مالاً وبعضا من ذر الرماد فى العيون. فقد تنازل محرز عن بعض من أمواله ودفع لشيخ المسجد مالا ليفرقه على أهل القرية فتتحول الفوضى إلى نظام والنظام إلى سلطة والسلطة لعجلة تدير الأمور. يتزوج العجوز بالصبية ويحضر أبناؤه ليصفقوا فى الفرح فتنتهى الرواية ولا ينتهى الحديث عنها.
العبرة:حكاية أم العيون التى تبحث عن كنز مدفون والكنز الحقيقى فى الرواية هو الأسلوب...السرد وتصاعد الأحداث، وتكسب الساحة الأدبية روائياً بعيداً عن القاهرة له تفرده وتميزه.
والقاص :"سالم محمود سالم" نشر هذه الرواية في مطلع عالم 2010 علي نفقته الخاصة كأنه امتلك فيها عيناً زرقاء اليمامة يحذرنا من الفوضي القدامة حين نترك النظر للمستقبل ونفتش تحت اقدامنا عن كنز هو في الحقيقة موجود بين ايدينا ولكننا لا ندركه الا بعد الخوض في بحيرات المأسي الأسنة كما اخبرتنا رواية الكنز في طيات احداثها
طارق الصاوى خلف
تعليقات
إرسال تعليق