الامثال والمأثورات للباحث السيناوى سلام مدخل
مطالعة فى كتاب
الأمثال والمأثورات عند قبائل سيناء
الباحث / سلام مدخل سليمان
بقلم : طارق الصاوى خلف
تصدير
يعرف المثل الشعبى بأنه " جملة مفيدة موجزة متوارثة شفاهة من جيل إلى جيل وهو جملة محكمة البناء بليغة العبارة شائعة الاستعمال عند مختلف الطبقات ."
جمال طاهر و داليا جمال طاهر من مقدمة كتاب " موسوعة الأمثال الشعبية "
عن الكاتب و الكتاب
الكاتب هو واحد من رجالات سيناء و شيوخها وهو مثقف وشاعر و سياسى وباحث فى التراث السيناوى ومرجع مهم فى كل ما يتعلق بالأدب و الشعر النبطى وكان له برنامج فى اذاعة طور سيناء استمر لسنوات إضافة لخبراته الحياتية الواسعة منذ كان ضابطا فى الاحتياط أثناء حرب أكتوبر ثم عضوا بمجلس الشعب و رئيسا لمجلس مدينة أبوزنيمة .
ومن هذا المنطلق نراه فى هذا الكتاب يحدد الهدف من أصداره "لحفظ التراث البدوى ليكون تحت بصر وفى متناول الجيل الحالى من الشباب وفى متناول كل من له علاقة بالبادية كوسيلة من وسائل التقارب والتواصل" . (صـ 4)
ويعرف الباحث فائدة الأمثال فى تمهيد الكتاب بأنها " تعبير عن العقلية الجمعية والنظرة التلقائية ذلك لانها محصلة لمعارف وخبرات جمعية فى الأساس ونتائج البيئة التى صدرت عنها مما جعلها تنتج إبداعا شعبيا خالصا مرتبطا بحياة الناس . " صـ 5)
ويضيف " لذلك فأنه من خلال القراءة المتأنية للأمثال يمكن التعرف على الهوية الشفاهية للامة أو الجماعة وكذا ملامح الشخصية القومية " (ًصـ 5)
و يرى الباحث سلام مدخل أن " المثل بأى لغة هو مستودع الحكمة ومخزون الخبرات والتجارب الحياتية على مر العصور ولقد صيغ المثل فى كلمات قليلة ليسهل حفظه وليتم استدعاؤه من الذاكرة بسهولة وحتى اذا طالت العبارة فاننا نجد فيها التقسيم والمقابلة والتضاد والجناس والسجع كل ذلك جعلها عبارة مصكوكة قيلت لتتقبلها الآذان إلى الذاكرة " ( صـ 6) ومن ثم يسهل حفظها
و يقدم الكتاب أحد عشرة قاعدة لفهم تركيب الأمثال عند البدو وطريقة نطقها وقد لاحظت مدى التشابه بينها وبين نطق بعض القبائل العربية فى بادية العراق و الأردن . ومن هذه القواعد :-
حرف ( ق ) ينطق ( ج ) مثل قال : جال ... ما عدا كلمة ( قتل ) تنطق ( كتل ).
الهمزة تحذف وسط الكلام مثل ( الأول ) تنطق ( الول )
الهمزة اخر الكلام تمد مثل السماء = السما
فعل الأمر يجزم بحذف حرف العلة أمشى = أمش
حرف ( ض ) ينطق ( ظ ) الضحى = الظحى .
تستخدم اللهجة البدوية نون النسوة مثل ضربتهن ، قابلتهن .
وهو يطرح فى نهاية مقدمته تساؤل طريف هل البداوة حالة حضارية يمكن أن تنتهى ؟
ويجيب عليها " نعم البداوة حالة حضارية يمكن أن تنتهى فى يوم من الأيام لتصبح تاريخ لان البداوة - كما يراها – ليست عرق أو جنس بل أسلوب حياة لم ترتضيه جماعة لنفسها بل فرضته عليها ظروف المكان . ( صـ 8)
يقدم الكتاب مائتين وأربعة واربعين مثلا ( 244 ) يشمل كافة مناحى الحياة فى البادية من قديمة ومستحدثة إضافة إلى تضمين الكتاب لجداول توضح المرجع الحقيقى للمثل سوءا أكان مستنبطا من الحديث النبوى الشريف أو الشعر العربى الفصيح أو أبيات الشعر البدوى أو الأمثال والحكم العربية والعامية المصرية مثل المثل " ابعد حبة تزيد محبة " والمثل البدوى المقابل " يعقد ( يبتعد) غالى يجى مشتاق "( صـ81 )
من الأمثال البدوية المألوفة :-
طلب منى الكتابة - وكنت مدعوا إلى مؤتمر أدباء مصر كشخصية عامة - عن عنوان المؤتمر " الثابت والمتعدد فى الثقافة المصرية " وخلصت فى نهاية المقال أن الثقافة المصرية واحدة فى سيناء أو النوبة وأن التناول واسلوب التعبير هو الذى يتعدد مثل فنون الأدب من قصة لشعر لخاطرة وقد جاء كتاب "الأمثال والمأثورات عند قبائل سيناء" للباحث سلام مدخل سليمان. ليثبت ذلك من خلال التناص فى الأمثال المستخدمة فى الريف المصرى والتى حفظتها عن أهل قريتى وبين ماذكر فى الكتاب . ولهذا سأترك للقارئ أن يستمتع بالقراءة والتأويل دون الحاجة لتفسير .
أردب ما هو لك لا تحضر كيله تعفر دقنك وتتعب ف شيله.
اردفته وارى حط ايده ف الخرج .
اضرب المربوط يخاف السايب .
اطعم الفم تستحى العين .
اللى سبق كل النبق .
انا اللحم وانت السكين .( لاسترضاء الخصم فى المجلس )
بنت العم تشيل الهم .
حرص و لاتخون.
خطيتك ف رقابتك .
الدراهم مراهم .
ربك رب قلوب .
الصباح رباح .
الضامن غارم .
الضيف أسير .
طولة البال تهد الجبال .
العبد ف التفكير والرب ف التدبير .
ع قد الغطا مد اللحاف .
العين بصيرة واليد قصيرة .
الغايب ماله نايب والنايم غطوا وجهه .
فال الله و لا فالك .
قبل ما تفصل قيس .
فى المال ولا فى العيال ( اى المصيبة )
قطه جمل .
كلام الليل مدهون بزبد إن طلع النهار يسيح .
الكلب ما يعض ودن أخوه .
كل عقدة لها عند الكريم حلال .
كلمة السو مسموعة .
لو صبر القاتل ع المقتول كان مات لوحده.
المركب اللى فيها لله ما تغرق .
المسامح كريم .
مغسل وضامن جنة.
النهار له عيون .
أمثال لصيقة بالحياة البدوية
هناك أمثال حياتية تتعلق بالبادية وردت فى الكتاب وحرص الكاتب والباحث سلام مدخل أن يشرحها للقارئ موضحا فى تلخيص جميل وبسيط ما تعنيه ومتى يضرب المثل .
اشرفت على الشرف والشر عنى انصرف . ( الشرف هو المكان المرتفع ) وكلما ارتفع البدوى فى الجبل اصبح مطلعا على كل الاخطار وبذلك يأمنها .
اصرف ع اليمين لو كان ابوزيد ع الشمال . المقصود وزع القهوة من اليمين دون النظر للمقامات .
أعقل ورص و لاتصبح تقص .أى اربط الناقة و ( لا تقص ) أى تبحث عنها .
اللى صر صر واللى غر غر . أى عند الرحيل هناك من يصر ( يربط) حاجاته ومن (يغر) يضعها فى جوال
اللى قبع قبع واللى ربع ربع . ( قبع ) استقر مكانه و ( ربع ) رحل خلف العشب فى الربيع .
اللى كيفه ما هو من خرج ناقته كيفه على الناس عواله . أى الذى لا يصحب معه قهوته وشايه يصبح عواله على غيره .
اللى يسويه المحلى يحكى بيه الضيف . (المحلى) هو صاحب البيت و (ما يسويه) هو مايقدمه للضيف .
الأول هيف والثانى كيف والثالث لضراب السيف . ويضرب فى شرب القهوة الأول هيف ( أى كمية قليلة) والثانى لصاحب الكيف والثالث يؤخذ بسيف الحياء وليس للضيف إلا ثلاث فناجين .
البل خمسات والرجال خمسات . ( البل ) جمع الأبل والمقصود أن اصالة الابل والرجال ترجع للجد الخامس .
البنت جنبها شوك . أى أنها محمية بالأعراف والتقاليد و لا يقربها غريب
الجمل ما بيشوف عوجه رقبته . فى نقد الاشخاص .
الخال عدوة عن مجر السيل. ( العدوة ) المكان المرتفع أى أن الخال حماية عند الخطر .
دقن الشاكى مبلولة . أى يبكى لينال استعطاف المحكمين .
راعى الناقة هيتمى. ( الهيتم ) هى القبيلة الضعيفة .
قن للسيل قبل أن يأتيك . ( قن ) أعد قناة والمقصود استعد للخطر قبل مجيئه.
كل مطرود ملحوق .( المطرود ) هو الصيد الذى يتابعه البدوى أو الهدف المطلوب لديه .
النار عند أول وقدتها والرجال عند أول وهدتها . والمقصود أن البداية القوية تضمن النجاح .
مطرح ما تمسى ارسى . أى حين يدرك القافلة الليل تبيت مكانها .
النوم ربيع العذارى والرجال الهلافيت ( الهلافيت ) الذين لا قيمة لهم وهذا يقال فى السعى على المعاش
يا ما الجمل كسر بطيخ
يرزق الهاجع والناجع والنايم على ذانه (ذانه ) أذنه .
ومن أطرف الآمثال البدوية المستحدثة المثل 202 صـ 70 "معك سواق وميكانيكى "
وهى تحكى عن أحد البدو الأثرياء فى الستينات الذين امتلكوا سيارة ولم تكن له دراية كافية بالقيادة واراد الذهاب لمكان بها فبحث عن من يقودها فأتى إليه شاب وادعى أنه سواق وميكانيكى وتعطلت بهما السيارة فى الطريق وباتا إلى جوارها وفى الصباح مر بهما سائق واصلح فى دقيقة العطل فقال صاحب السيارة للشاب مبكتا "معك سواق وميكانيكى " فصارت مثلا متداولا .
واخيرا
نحن امام كتاب هام صادر عن النشر الاقليمى لهيئة قصور الثقافة ( سنة 2013) فرع جنوب سيناء و لن أكون مبالغا إذا طالبت أن ُيعاد نشره على المستوى المركزى وآمل على الباحث أ. سلام مدخل سليمان صاحب كتاب "الأمثال والمأثورات عند قبائل سيناء " أن يضيف من روحه وثقافته وعلمه وخبراته ويقدمه من جديد للنشر فى الهيئة العامة للكتاب أو الهيئة العامة لقصور الثقافة حتى يتعرف المشتاقون للتراث خاصة السيناوى على جزء مهم من ثقافة متوارية خلف ستائر الأصالة والرصانة .
طارق الصاوى خلف
تعليقات
إرسال تعليق