أنا البحر للشاعر عبد الله عشماوى و بقلم طارق الصاوى حلف

 

أنا البحر
         الشاعر عبد الله عشماوى 

                         طارق الصاوى حلف  

تصدير

الشعر والبحر صنوان كلاهما يمنحنان الإنسان راحة ومتعة مع النظرة الأولى من بعيد لكن حين تنزل للجته تعيش لحظات الدهشة والذهول .

أنا البحر

للعنوان دلالة رمزية على المحتوى و كما يقول علماء التحليل النفسى أن الأنا/ الذات يعلو الإحساس بها لدى الفنان لما يحس  لديه من القدرة على تكوين الأفكار  والابتكار .

واختار الشاعر ضمير  أنا  ليكون مبتدأ و أراد استكمال أركان الجملة فأتى  بكلمة البحر خبرا  و يُحل الجرم الصغير بالكائن العظيم المهول والمجهول فما عساه أراد أن يقول بعد " انا البحر" وهذا الاتحاد والالتحام  وما علينا فى الجزء الاول من مطالعتنا للديوان سوى أن نرصد أثر البحر على تجربته الشعرية بل وأسلب  عرضه لسطوره.

 ولد البحر لدى الشاعر الاحساس بالهموم المتراكبة

كنت أنا كطائر

وكنت أنت له العيون

فلما رحلت وتركتني

أسقط في بحر الهموم ؟ ص 6

حين ننتقل من ضمير المتكلم لضمير المخاطب تتحرك الأمواج و تتصارع الأحداث

مايا يا حلوة الحلوات

يا قطعة سكر سقطت في البحر فأثارت الموجات

يولد الحدث نتيجة لتصادم ودومات البحر/ الانا

وأبحث عن سيدة تُلملمني

ثم تبعثرني قصيدة عشق

كالفيروزات على الشطئان

و السيدة التى يبحث عنها ليست  كالنساء أنها من  من الحوريات

فمثل من تهواها

حورية تجوب البحر

وتسكن قصور المرجان

  ذاكرة البحر و السمك  كنقوش على الرمل لا تحفظ التواريخ وهى حقيقة  لا يخفيها  الشاعر عن محدثته.

وصدقيني

أن اليوم القادم لن يتذكر سوى ما يُنشر فى الجريدة اليومية

ومواعيد نفير السُفن والموانئ المزدحمة ص19.

في مدن البحر ولجة الماء يكون اللقاء رومانسيا

وعندما يكون المد عاليا

نرحل بقاربنا أسفل جسر التنهدات ..

ففي فينيسيا نستطيع أن نُبحر  ص34

 و يتوحد البحر مع وجدان الشاعر و لايصبح البحر /الحياة بالنسية له مكان آمن بل هو فريسة بيد صياد لايحس ألمه أو يتعاطف مع طلبه للحرية

سوى أني كما سمكة

كانت ترقص في الشباك رقصه الموت

حين ما كان صائدوها يضحكون

أنا لا أفهم أي شيء ص 42       

لكنه في قصيدة "أنا البحر " عنوان الديوان يفتخر بحاله

أنا البحر

السابح فى شجوني الشارد مع الآيام

وأنا المُنساب بين أمواجي

أنا البحر

قناديلي من أضاءت القمر

وعشقي من عانق الشمس ص 43

و لقاء لمحبين في استراحة السفر بين مؤانئ الاستقبال والوداع مشكوك فى حدوثه

على مرفأ الانتظار وقفت

 علك تأتي لكن الليل الموحش يد ب في كل القوارب

ورياح الخوف تستنفر أشرعتي

لكن إلى أين أهرب

وعندما تضرب الأمواج القارب نفقد فهم ماهية الاشياء و لا نعرف لأى اتجاه تسير القافلة

ولما أفهم والذي فهمته من قبل

 عندما رحل القمر إلى المحاق ولم يفكر أن يأويني داخل معطفه

غاص في بحر الغروب  ص 42

ولان البحر  تتراكل أمواجه بنفس الوتيرة فان الشاعر اخذ منه تلك الحالة حتى صارت لازمة فى ديوانه عندما يصف أو يبوح

أمرح

كالعصافير في الحقول

والفراشات حول الزهور

وحروف البهجة بين السطور

والنوارس فوق البحور

و ايضا نلاحظ ميله للاطناب و الاستطراد ربما لرغية الشاعر فى تأكيد الفكرة و زيدتها ضوحا

أحبك

لن أقولها لِك ما دمت حيا

سأ خفيها عن رسائلى عن دموعي

سأنثرها فى كل الكلمات

لحديث السياسة أحبك

وإذا ما تطرقنا لما قاله الشيخ أحبك


 وكيف كان مذاق القهوة أحبك

بين الشعر و اللغة الشاعرة

تمتد سطوة مملكة الشعر من القصيدة الموزونة حتى الكلمة الجميلة الرقيقية الصادرة من مشاعر تفيض بالحب معبرة عن العواطف والاحاسيس يقال عن صاحبها شاعر حتى لو لم يكتب الشعر فاللغة هى ذوق والذوق اختيار التراكيب و امتزاج الكلمات يعطى معنى والمعنى يبلغ رسالة وقد سبقنا العقاد حين وصف اللغة العربية انها اللغة الشاعرة

اللغة  العربية بطبيعتها لغة طيعة تستطيع أى موهبة تمتلك حصيلة لغوية ثرية وأسلوبا متميزا  فى الكتابة  إضافة لقدر من الخيال أن تلبس نصوصها ثوب الشعر مع تحللها  من كل لوازمه وقيوده   متخطيا قصيدة النثر و متغلبا على ضوابطها الميسرة متجاهلا الفكرة المدهشة التى تحدث صدمة عند المتلقى تجعله يفكر و يفكر .

أما الشاعر عبد الله عشماوى فى ديوانه " أنا البحر " فقد سلك نهجا مختلفا و وضع نصا فى  سطور كاملة بعنوان "لا تقل أنه رحيل" 

لا يحق أن ترحل هكذا فجأة كالشمس في يوم شتوي غائم ، بل اتركني أسمع -صوت صراخ السيارة وهي تشق بك الدروب البعيدة، بل اجعلني أراك وأنت تلوح لي من خلف نافذة الرحيل ، حزين أنا كغريق رأى أيادي الموت هي من تحنو عليه ،

البداية نص نثرى، الجماليات البلاغية " اتركني أسمع -صوت صراخ السيارة - أيادي الموت هي من تحنو عليه " 

الصور المتتابعة تمنحنا نوع من الخروج من بوتقة التنميط إلى فسحة من التصنيف للنص ونضعه فى منزلة بين الشعر واللغة الشاعرة أو نقول نص به من الجمال ما يستحق أن نطالعه

 قل أن رحيلك عني

كان مجرد كابوس مفزع ،

 وأنني سأنهض منه وأنا أحتضن نور عينيك

ولان الصور حين ترسمها حروف فنان نرفع القبعة لها اعجابا

كيف لى ان أنسا ِك

 وأنا كعصفور

 وحبِك ألاف العقبان

قالوا أن من ضمير المتكلم أنا يبدأ الشعر فهو يعنى أن خلف الضمير مستتر يريد أن يزيح همومه ويخرج أثقاله ويشارك الاخرين نبض مشاعره وأهات وجده؟

ديوان أنا البحر لقاص خاض في لجة الشعر وقدم لنا تجربة واعدة في ديوان حرص على نشره على نفقته و لم يكن ضمن الاعمال التى تم اعتماده لأجلها عضوا في اتحاد كتاب مصر كما أبلغنى شاعرنا المبدع .

 رابط  كتاب  اشعار ضى القمر

  https://books.google.com.eg/books?id=B5o4EAAAQBAJ&pg=PA113&lpg=PA113&dq=%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA+%D9%85%D9%86+%D8%A7%D8%B1%D8%B6+%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B2&source=bl&ots=GejGxZIUF9&sig=ACfU3U2yeZrieyRmpo-uxlJW00AZ36TUvQ&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwj0wqSgwYjyAhUHZMAKHX8OBP0Q6AEwDnoECBUQAg#v=onepage&q=%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D8%B1%D8%B6%20%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%B2&f=false



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة فى ديوان لا تنشد المحتاج للشيخ حمدان الترابين لطارق الصاوى خلف

مطب سيناوى للشاعر رأفت يوسف بقلم طارق الصاوى خلف

مطلع العام الثامن والخمسون مع وقفات فى حياتى طارق الصاوى خلف ‏