مأثورات عن الوفاء طارق الصاوى خلف


 مأثورات عن الوفاء 

يروى عن المنذر ابن ماء السماء ملك الحيرة أنه اتخذ يومان كل عام يخرج فيهما للبرية وهما يوم سعد لا يلاقاه فيه احدا الا اكرمه وحقق اقصى امانيه ويوم نحس لا يقابل فيه شخصا الا اهانه و عذبه و قتله شر قتله وكانت اهل الحيرة تتعرض له يوم السعد وتفر منه طوال ساعات نهار غضبه وفتكه حتى وقع فى مخالبه رجل غريب وامسك به حراسه وقال له المنذر اوصى فأنى قاتلك الساعة فقال الرجل المبتلى : اننى رجل غريب وعلى ديوان فى بلدى ولى ابناء صغار دعنى اذهب لهم ارتب حياتهم واعود لك فى مثل هذا اليوم من العام القادم لتقتلنى فقال الملك : ومن يضمن لى عودنك .

فقال الرجل :لا احد من اهلى هنا يضمننى.

نادى المنذر فى حاشيته ثلاث مرات: الا من ضامن .

تقدم الوزير معلنا انه سيضمنه.

قال له المنذر :اذا لم يأت سوف اقتلك فقل رأيك الاخير فانى لا اريد خسارتك. 

فقال له الوزير بل ساضمنه.

سأله المنذر : الك سابق معرفة به؟

فقال الوزير :لا ولكنى لا اريد ان يقول الناس ذهبت المروءة من العرب.

وانطلق الرجل لاهله وبعد ان انقضت المهلة واتى الموعد المضروب خرج المنذر بوزيره الى الصحراء لانتظار وفاء الرجل بوعده ومرت ساعات النهار سريعا و صاح المنذر بوزيره الن احذرك لابديل لدى عن قتلك، اسلم الوزير امره و ودع اهله خلع عمامته و القى على صديق له عباءته، رفع السياف ذراعه ليطير رأسه فاذا بصائح ينادى انتظروا انتظروا ... واذا بالرجل قد اتى قبل مغيب الشمس فاندهش المنذر و قال للرجل لماذا اتيت وانت تعلم انك ستقتل؟! فقال الرجل خشيت ان يقول الناس ذهب الوفاء من العرب .

هنا تمطع المنذر و انحط عن شواشى غضبه وقال : اننى عفوت عن الرجل حتى لايقال ذهب العفو من المنذر و الغى يوم نحسه وابقى على يوم السعد لمن يلقاه فيه.

ومن اشهر الذين عرفوا بعدم الوفاء شخص من خيبر يسمى عرقوب وعد شفيفه الفقير بحمل من التمر و انتظر شقيقه ان يفى بوعده وكان فى كل يوم يأتيه فيمهله للغد حتى انتهى الموسم وباع ما جمعه ولم يعطه حتى قال الشاعر فيه

كانت مواعيد عرقوب لها مثلا وما مواعيدها الا اباطيل.

ومن اغرب الوعود التى قطعها شخص على نفسه هو وعد الشاعر المهلهل لشقيقه المغدور به 

خذ العهد الاكيد على عمرى 

بتركى كل ما حوت الديار 

وترك الغانيات وشرب كأس 

ولبسى جبة لا تستعار

و قد وفى المهلهل حتى انه لم يتنزع ملايسه لشهور ولم يمس الماء جسده حتى ضاق اهله به وصار يتعذب من لدغات القمل والبراغيث ورأى ابن اخت له حاله فأتى اليه وعرض عليه ان يقص شعره و يغسله بالماء وينزع عنه ثيابه المقترحة فقال له المهلهل : انت منى حيث علمت وانا لن اطلب منك ولن امنعك و تقول بعض الرويات انت ابن اخته لم يرد لخاله ان لا يفى بعهده وتركه .

اما كثير الشاعر عاشق عزة فقد اشتكى من مماطلتها فى الوفاء

قضى كل ذى دين علمت غريمه

 وعزة ممطول مغنى غريمها 

وقد سأل عبد الملك ابن مروة عزة حين وفدت اليه عن مقصد كثير فامتنعت حتى اقسم عليها فقالت انها واعدته بقبلة 

فقالت لا ولم ادعه رحمه الله يمس يدى 

طارق الصاوى خلف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قراءة فى ديوان لا تنشد المحتاج للشيخ حمدان الترابين لطارق الصاوى خلف

مطب سيناوى للشاعر رأفت يوسف بقلم طارق الصاوى خلف

مطلع العام الثامن والخمسون مع وقفات فى حياتى طارق الصاوى خلف ‏